الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

حماتي وحش كاسر!

د. عبد الرحمن حسان

حماتي وحش كاسر، هكذا تصورها الحكايات القديمة، والخوف غير المبرر من الأزواج، لماذا؟! سؤال حيرني! فتجربتي مع حماتي لم تكن كافية للإجابة عن هذا السؤال، فحماتي لم أجد لها أنيابا، فقلت: ربما هي حالة خاصة، فظللت أراقب من حولي من الأصدقاء، علني أجد إجابة شافية، ولكن ظروف الغربة حالت دون تحقيق مرادي بصورة كافية. 
 ولكنني بعد صبر طويل، وجدت ضالتي في مراقبة لصيقة ومن داخل أسوار الحماة، بل من جوف حصنها الحصين، من غرفة العمليات، فكنت أراقب أدق التفاصيل. 
مغامرة مشوقة من غير شك لكثير من الأزواج، أن يقتحم أحدهم عرين الأسد، ويأتي بإجابات شافية لكثير من الأسئلة والتساؤلات التي تحيط بشخصية الحماة. 
ولكن في الحقيقة التشويق الأكبر كان من جانبي أنا، لأنها متعة حقيقة، أن تكتشف جانبا آخر لرفيقة دربك بعد سنين العشرة الطويلة، وهي تقوم بدور الحماة، وتقارن بمدى التطور الذي حدث في هذه الشخصية التي أحدثت ضجة في حياة الرجل، ونالت من الشهرة التي فاقت كثيرا من الشخصيات الشريرة في الحكايات والروايات القديمة. 
ولا أدري هل التطور الذي حدث في شخصية الحماة يرجع إلى الوعي الكبير الذي حدث  للمجتمع، أم لظاهرة العنوسة التي ضربت العالم بأسره، فخصمت من قوة الحماة وأفقدتها بعضا من أسلحة دمارها الشامل. 
بعض أصدقائي يرجعون أمر التطور الإيجابي في شخصية الحماة إلى التطور التقني الذي أفقد الحماة دورها الريادي في تنشئة البنت، وأضعف قدرتها عن التحكم بها لمشاركة القنوات الفضائية والفيس بوك وغيرها في تربية الفتاة المعاصرة، ويؤرخ أحد أصدقائي لكتاب أبلة نظيرة في فنون الطبخ بأنه كان نقطة البداية لفقدان الحماة بعض سيطرتها على البنات. 
نعود لغرفة العمليات الخاصة بالحماة، لننقل لكم الجزء الأهم من الكشف عن التساؤلات، في الحقيقة وجدت أن الأفلام المصرية ـ الله يجازيها ـ شوهت الحماة بصورة كبيرة، فهي إنسانة عادية جدا تعتريها المخاوف مثلها مثل أجدع رجل في الدنيا على قول إخواننا المصريين. وخوفها الزائد على ابنتها هو الذي يدفعها لتقديم النصح، وهنا تكمن عقدة المشكلة، لأن بعض الحموات يخرجن عن النص لعدم  معرفتهن بالعلم الشرعي وطرق التربية الصحيحة! 
إن الحماة المفترى عليها باب من أبواب الجنة لزوجتي ورفيقة دربي،  أسعد أن قيض الله لزوجتي طريقا لبرها و رد بعض جميلها. 
  إن الحماة المفترى عليها جدة لأبنائي التي تغمرهم بالحب والحنان، كما إن وجودها في البيت لتبرها زوجتي أمام أبنائي هو أعظم بيان عملي يتعلم منه الأبناء، كيف يكون البر بالآباء؟ فالأبناء الذين تعلموا كيف يبرون والديهم قطعاً سيكونون نواة لمجتمع صالح!

الأحد، 10 يونيو 2012

فلسفة القبح والجمال



الجمال يقابله القبح، وكما الجمال أمر نسبي فان القبح كذلك أمر نسبي، وموقف الإنسان من القبح والجمال يرجع إلي ذاته، فالعين التي تنظر إلي الجزء الفارغ من الكأس ليست كالتي تنظر إلى الجزء الممتلئ منه، ولا يوجد شر مطلق كما أنه لا يوجد خير مطلق.

 فإذا قلنا إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، ففتش عن الفائدة من هذه النكارة، فبالقياس لها عرفنا جمال الأصوات، وإذا قلنا إن الموت مخيف ومؤلم لكننا نجده معبرا إلي حياة أبدية ولولاه لما وصلنا إليها.

 إننا لا نعرف معني الفضيلة عموماً إلا إذا عرفنا القبيحين الإفراط والتفريط، فالشجاعة وسط بين التهور والجبن، والعطاء وسط بين البخل والتبذير، وإذا نظرنا إلي الطبيعة نجد إننا نعرف الضوء وفي عدمه يكون الظلام ورغم حاجتنا للضوء ولكن أيضا نحتاج إلي الظلام لننعم بالراحة والسكون.

كل الطعام الذي نأكله يتحول إلي قلوي أو حامض وذلك بنسب معينة في جسم الإنسان ، فإذا غلب احدهما على الآخر اعتلت صحته، فلذلك مطلوب من الإنسان التوسط في المأكل والمشرب للمحافظة على توازن المعادلة بين القلوي والحامض.

 والمؤمن حاله التوسط في كل الأمور فقد ذكر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن التوسط من سنته ومن رغب عن سنته فليس منه ووصفنا الله تعالى في كتابه بأننا امة وسط قال تعالى : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا "

إن كل هذه التناقضات بين القبح والجمال حولنا فيها الخير للإنسان... إلا شيء واحد لا نحتاجه في هذا التضاد والاختلاف، بل أن الله سبحانه وتعالى حرمه على نفسه وحرمه على عباده لأنه قبح مطلق .... إنه الظلم! وأمر بما يقابله من جمال مطلق ألا وهو العدل.
وهذا التوسط الذي يحيط بنا في كل شيء، يقودنا إلي العدل في الأحكام والمعاملات، وهنا يكمن جمال الإنسان!!

الجمعة، 30 مارس 2012

الحكمة نوبية



د. عبد الرحمن حسان


الحضارة النوبية حضارة إنسانية عريقة ساهمت بقدر فاعل في الحضارة الإنسانية، وللسوداني النوبي حضور مميز في الثقافة السودانية، فهو السفير الشعبي الأول للسودانيين في بلاد المهجر وقد اختط للسودان مساحة مميزة امتازت بالصدق والأمانة والشرف وحسن الخلق.
والحديث عن القامات النوبية يطول، ولكننا نقف اليوم أمام قامة تربعت على مساحة واسعة في مجال الكتابة الصحفية، واختارت لنفسها درباً وعراً لا يجاريه فيها إلا من ملك ناصية اللغة،  وبرع في تطويعها؛ ليملك قلوب أحبائه بهذا الضرب من الأدب الرفيع، و فارس هذا المضمار الفريد من الكتابة الصحفية هو جعفر عباس ( أبو الجعافر) الذي استطاع من خلال كتاباته الساخرة أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية ويؤثر في قلوب قرائه ومعجبيه.
نعم، تستريح مع مقالات أبي الجعافر من هجير يومك بزاويتيه الرشيقتين حادة كانت أم منفرجة كثغره الباسم دوماً في وجه من يلقاه أو يقرأ مقاله، فتنفرج أساريره من رشاقة عباراته وامتلاكه بمهارة فائقة لناصية اللغة على أن اللغة العربية لم تكن اللغة الأولي التي نطق بها وتعلمها ــ كما يحدث هو عن نفسه ــ  إلا أنه يبهرك بحرفيته في تطويع اللغة بالرغم من الجدية التي تسيطر على طرحه في أغلب الأحيان.
جعفر عباس معلم من الطراز الأول، أثرت فيه هذه المهنة في حياته كلها فهو الصادق في كل حرف يكتبه، وكيف لا يصدق وهو معلم الأجيال الذي حمل على عاتقه أمانة العلم قبل أمانة الكلمة و حمل في قلبه حب الخير للناس، فحري به أن ينير الطريق للناس بكتاباته ويقول الحق مهما كانت الظروف، لذا تميز جعفر عباس صحفياً وحق له أن يكون مسؤولاً عن جودة العمل الإعلامي من خلال موقعه المتميز الذي يتبوأه وهو إدارة الجودة بقناة الجزيرة.
لقد ظهرت الحكمة النوبية في فكر جعفر عباس، فكتب ساخراً ولكنه لم يجرح يوماً أحداً أو يحط من قدر أحد، و تفرد بالحكمة وحسن الخلق كأسلافه من النوبيين الأوائل في بلاد المهجر الذين اختطوا للسودانيين دروب الأمانة وصدق الكلمة.
فشكراً لأبي الجعافر لهذه المساحات الشاسعة التي زرعها بحب الناس ليكون مثالاً يحتذى به في العمل الصحفي، نسأل الله أن يجعلها خالصةً في ميزان حسناته.

الاثنين، 12 مارس 2012

مساحات الفرح



مساحات الفرح كثيرة لدى الإنسان ، فهي أكبر المساحات المتاحة لديه، وأقل كلفة، ولا أقول إن مساحة الفرح هي فرصة للإنسان، ولكنها دوماً موجودة في داخله وستظل في داخله.
الابتسامة أصغر مساحات الفرح الموجودة فينا وأقلها كلفة، فقط أن تكون مبتسماً في وجه الآخر، ولكن العائد منها أكبر بكثير عما بذلته من جهد، فهي تحرك اثنتين وثلاثين عضلة في وجه الآخر، وترفع من نبضات قلبه، وتثلج صدره، وينداح الفرح منه للاخرين، بحساب بسيط، فإن الإنسان العادي يستطيع أن يتفاعل مع عشرة أشخاص على الأقل يومياً، بالتالي تستطيع ابتسامتك، أن تحرك العشرة الآخرين حول هذا الإنسان، فكم من عضلة تحركت من ابتسامة!
مساحات الفرح مساحات رائعة يمكن أن تلونها بألوان قوس قزح، فقط أمسك الفرشاة ولون، وأخرج كل الفرح بداخلك، عندها ستكون في مواجهة مع ذاتك، مع الحقيقة الداخلية لروحك، ستكتشف أن لك روحاً كالعصفور ، ينتقل من فنن إلى فنن، وأن لك أشياء جميلة بداخلك خرجت لتغرد للعالم.
كما لونت مساحات الفرح، كذلك تستطيع أن تجعل المساحات ناطقة بكلمات رائعة، وللكلمات سحرها، وشخصيتها المميزة، فكلما اخترنا الكلمات الرشيقة الجميلة كانت المساحات رائعة، وأيضا للكلمات عطرها فاختر من الكلمات ذات العطر الفواح لتنثر الفرح حولك وحول الآخرين، ولتكون لمساحات الفرح ألوانها وكلماتها المعطرة.
كثيرون استطاعوا أن يلونوا مساحاتهم بألوان زاهية وكلمات معطرة فواحة فملكوا قلوب الآخرين ومن حولهم، إنهم المتفردون منا بحب الناس.
الإنسان هذا المخلوق العجيب، .. جسد .. وروح .. وعقل.!
والروح مستودع الفرح، فيه كل الأشياء الجميلة في الإنسان، قد تكون روحك ظلامية وقد تكون نورانية!! فماذا تريد أن تكون... أن يغلب الظلمة أم تكون نوراً مشعاً. تلك هي خلاصة الحياة!!!
إن للروح أفراحا، وتفرح الروح من أشياء بسيطة وهينة، فلقد قال شاعرنا إدريس جماع: هين يستخفه بسمة طفل.
فالروح بسيطة وهينة حيال الفرح، كما لها من القوة ما يجعل شاعرنا يقول: قوياً يصارع الاجيال، نعم، فالروح تتحمل الأهوال في مبتغى الآمال والطموح.
واحدة من نفحات الله سبحانه وتعالى للروح، الأمل.
فهى الزاد الحقيقي للروح، وعليه يحيى الروح في مساحات الفرح، وبها يعطر المساحات الشاسعة.
مساحة الفرح التي يكتشفها الإنسان في دواخله، دائماً ما تكون في ساعات الصفاء مع النفس، فيكتشف الإنسان بأنه يملك مساحات كبيرة من الفرح حوله ولكنه مقصر في حقها، لم يعطها حقها من الاهتمام.
تكتشف أنك تملك زوجة رائعة، وتكتشف أنك تملك صديقاً لن تجد مثله في هذا الزمن المتسارع، وتكتشف أن لك أبناء رائعين، كل هذه الأشياء كانت موجودة ولكنك فقط لم تنتبه إليها.
فقط تحتاج للانتباه لكل تفاصيل الأشياء حولك، لتكتشف أنك وسط مساحة رائعة من الجمال.
الفرح القادم من الآخرين له طعم خاص، ويكون طعم الفرح من الأقربين أحلي، وذا نكهة رائعة، كلمة من زوجة تملك الأفراح في دواخلها، من ابن يفرح يفرح قلبك بره ، في أخ يحمل بين جنبيه فرح يسع الجميع، في جار تراه فرحاً.
لم أسمع بأن الفرح يباع ويشترى، ولكنني أؤكد بأن قيمة الفرح لاتقدر بثمن.

الخميس، 23 فبراير 2012

الحبوبة


امرأة من الزمن الجميل، على راحتيها ولدت، وكانت أنفاسها أول ما شممت من عطور الدنيا، نعم؛ كان ذلك منذ أكثر من خمسين عاماً مضت، ومازالت أنفاسها في ذاكرتي تعبق المكان حولي، ومازالت دعواتها بأصدائها المنداحة في داخلي ترن، كأنها تغريدة بلبل حين يتردد صداها فيملأ المكان أنساً وحبوراً وفرحاً.
لقد تسلل حبها إلى قلبي كما النسمة الرقيقة التي تدخل بلا استئذان، و تربعت وحدها على عرش قلبي، فأنارت دواخلي بقناديل البشر وعطرت روحي برياحين الفرح.
إنها جدتي المترعة بالجمال، بل كان يخيل لي أن الجمال ينساب من بين إصبعيها ليكسو من حولها حللاً وألوانا زاهية، كأن قوس قزح استعار ألوانه من بريق عينيها، وكأن براءة نظرتها غسلت نفوس من حولها ليكون لهم نصيب من الصفاء والنقاء في دواخلهم.
جدتي المترعة بالحب، بل إن الحب حين تذكره فكأنك تعني جدتي! ولا عجب، فقد غمرتني بحلل الحب قبل أن يغطيني رداء، وأحاطتني بالدفء في أجواء البرودة والجفاء، وعندما شببت عن الطوق ورأيت العالم من حولي، كان السؤال الذي أتطلع إلى معرفته وفك طلاسمه، كيف يكون لامرأة كل هذا الكم الهائل من الحب والجمال في دواخلها. 
كنا إذا جن المساء لا تستقر قلوبنا في مكان، من لهفة الشوق لحكاياتها المثيرة التي ننتظرها بفارغ الصبر، فكانت تحكي لنا قصصا محفزة و مفرحة، ومؤلمة ومبكية وكان صوتها ممتلئا شجنا وألما، وفرحا وأملا في آن واحد؛ وكنا ننهل من معينها الرائق العذب قصص المروءة و البطولة، ولم نكن نعلم حينها أن مرشدتنا كانت تغرس فينا بصدق اللهجة معاني الإيمان، وتزرع فينا بمهارة الحكماء دروس الصبر واليقين، وترسم على لوحات صدورنا ببراعة الفنان قيم الحب والجمال.
          الغريب أننا لم ندرك وقتها أن معلمتنا الأولى لم تحُز على أي من الشهادات العالية ولا حتى غير العالية، بل إنني اندهشت حقا حينما علمت أن جدتي لم تكن تعرف ما القراءة والكتابة، لكنها كانت بنظري كأفضل أستاذ جامعي، بما تتمتع به من اتزان عجيب ورصيد وافر من القيم والحكم والقصص والأمثال و بعض آيات من كتاب الله وبعض أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم كانت بسيطة؛ لكنها كانت رائعة في بساطتها! 
جدتي الحبوبة، نناديها في السودان (حبوبة) ربما لأنها تحب الكل بلا فرق بين أحد أو لأنها محبوبة الكل، لذلك كانت تستحوذ على كل التوقير والإجلال، فوالدي كان يحني رأسه لها ولا يرفع صوته أمامها، لذا كنا نحس بهيبتها ونحتمي بها عندما يداهمنا الخوف أو نتعرض للعقاب، فمن غير الحبوبة يتفهم ضعفنا ويبرر كبوتنا ويدافع عن أخطائنا.
كنا نفتقدها إذا لم نجدها فنفتقد معها الطمأنينة والأنس والفرح، لم أحزن يوما في حياتي قدر حزني على يوم استيقظت فيه من نومي، فإذا بمن يقول: ماتت الحبوبة!!! 

السبت، 4 فبراير 2012

وردتان.. بعد ربع قرن من الزمان!



زوجتي الغالية.. مضى اليوم على زواجنا المبارك خمسة وعشرون عاما، نعم.. ربع قرن من الزمان، مضى منذ تكوين مؤسستنا العامرة، عشناها سويا بكل ما فيها، بأفراحها وأحزانها، بآمالها وآلامها، بضحكها وبكائها، شهدنا معاً ثمرات قلوبنا تكبر أمام أعيننا يوما بعد يوم، إنها مشاريعنا الاستثمارية الرائعة في هذه الحياة، وبفضل الله كتب لنا النجاح سويا في مشروع المهندس، ومشروع الطبيبة، ولازال العمل جاريا في إكمال مشروعنا الثالث و هو مشروع الطبيب. 
وكان لابد لنا من وقفة نلتقط فيها أنفاسنا، لمواصلة بقية الخطة التي رسمناها معاً قبل ربع قرن من الزمان. 
لا شك أنه خلال هذه الفترة الطويلة، قابلتنا بعض المشقات والمتاعب، ولكن بفضل الله، ثم بفضلك وصبرك وإيمانك تغلبنا على العقبات، وتخطينا الصعاب وكان النجاح تلو النجاح، وها نحن لازلنا نتقدم نحو أهدافنا السامية بكل عزيمة ومضاء. 
وجدت نفسي يا رفيقة الدرب اليوم مدينا لك، بعظيم امتناني، ولأؤكد لكِ: بأنك حقا زوجة رائعة وأم أروع.. 
 
فتقبلي مني بهذه المناسبة هاتين الوردتين: 
الوردة الأولى، هي وردة النسرين التي تقول: "إن الأيام السعيدة تمضي بسرعة" 
 
 
  
الوردة الثانية ، هي وردة الياقوتة البيضاء، والتي تبوح بفرح القلب.


السبت، 14 يناير 2012

الرسالة الثالثة إلى بنيتي الغالية



الرسالة الثالثة إلى بنيتي الغالية
الرسالة الثالثة إلى بنيتي الغالية


بنيتي الغالية هذه هي رسالتي الثالثة إليكِ، إكمالا لمهمتي، وحفظا لحقك علي، وأداءً للأمانة التي وضعها الله في عنقي تجاهك. 
إن الليلة يا كريمتي هي أحلى ليالي العمر، وأغلى لحظات حياتنا أنا وأمك، ولكنه أصعبها على الإطلاق، لأنه تختلط فيها مشاعر الفرح والأسى في آن واحد، إنها ليلة زفافك يا غاليتي.. تلك الليلة التي تجتمع فيها الأضداد، وتمتلئ فيها العيون بدموع الفرح، ويتناغم فيها اللون الأبيض مع اللون الأسود، ويكتسي فيها الألم بالجمال، و لكن كليهما يستوجب الحمد والشكر معا، للواهب المنان سبحانه وتعالى.  
بنيتي الغالية إن تأسيس أسرة هي نواة أولي لهدف إنساني نبيل، وهي عبادة الله في الأرض، لذا تجدين يا بنيتي الغالية بالرغم من اختلاف الأجيال وتعاقبها، فإن الهدف ثابت لا يتغير، ومن أجل ذلك كانت وصية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالظفر بذات الدين، لأن المال والجمال والحسب والنسب كلها عرضة للزوال والتغير إلا الدين، فالدين هو العنصر الثابت والركيزة الأساسية التي تقوم عليها بناء الأسرة. 
بنيتي الغالية إن حرصي على اختيار زوجك بأن يكون رجلا ذا دين وخلق قويم، ليعينك ويكون سندا لك في هذه الحياة بعد الله سبحانه وتعالى، لإيماني بأن الحياة لا تقوم إلا على التعاون والتكاتف والتناصح  والمسارعة في الخيرات، وأن تكون مخافة الله هي الهدى الذي عليه تسير الأمور وتقودكما إلي بر الأمان. 
بنيتي العزيزة إن الأبناء هبة الله للإنسان، ومن أوجب الواجبات شكر المنعم، والشكر يكتمل بتربيتهم على حسن الخلق وتنشئتهم على عبادة الله، وإن إهمال تربيتهم والتقصير في حقهم هو إهمال وتقصير في شكر الله سبحانه وتعالى على نعمائه. 
فدينك أمانة وزوجكِ أمانة وأبناؤكِ أمانة، وإن حمل الأمانة ثقيل وصيانتها وحفظها أمر عظيم، وإنني على يقين بأنك قادرة على أداء هذا الدور الكبير، والمحافظة على دينك وصون حقوق زوجك وأبنائك.
والآن ياغاليتي علي أن أعود أنا وأمك لنكمل بقية رسالتنا مع إخوتك،  فمسؤولية الإنسان لا تنتهي إلا بنهاية عمره على هذه البسيطة، وإنها الأمانة التي حملها الإنسان، وقد عجز عن حملها السموات والأرض والجبال. كما قال سبحانه :"إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا"سورة الحشر. 
وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | cheap international voip calls | تعريب وتطوير : مدونة سامكو