الجمعة، 30 مارس 2012

الحكمة نوبية



د. عبد الرحمن حسان


الحضارة النوبية حضارة إنسانية عريقة ساهمت بقدر فاعل في الحضارة الإنسانية، وللسوداني النوبي حضور مميز في الثقافة السودانية، فهو السفير الشعبي الأول للسودانيين في بلاد المهجر وقد اختط للسودان مساحة مميزة امتازت بالصدق والأمانة والشرف وحسن الخلق.
والحديث عن القامات النوبية يطول، ولكننا نقف اليوم أمام قامة تربعت على مساحة واسعة في مجال الكتابة الصحفية، واختارت لنفسها درباً وعراً لا يجاريه فيها إلا من ملك ناصية اللغة،  وبرع في تطويعها؛ ليملك قلوب أحبائه بهذا الضرب من الأدب الرفيع، و فارس هذا المضمار الفريد من الكتابة الصحفية هو جعفر عباس ( أبو الجعافر) الذي استطاع من خلال كتاباته الساخرة أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية ويؤثر في قلوب قرائه ومعجبيه.
نعم، تستريح مع مقالات أبي الجعافر من هجير يومك بزاويتيه الرشيقتين حادة كانت أم منفرجة كثغره الباسم دوماً في وجه من يلقاه أو يقرأ مقاله، فتنفرج أساريره من رشاقة عباراته وامتلاكه بمهارة فائقة لناصية اللغة على أن اللغة العربية لم تكن اللغة الأولي التي نطق بها وتعلمها ــ كما يحدث هو عن نفسه ــ  إلا أنه يبهرك بحرفيته في تطويع اللغة بالرغم من الجدية التي تسيطر على طرحه في أغلب الأحيان.
جعفر عباس معلم من الطراز الأول، أثرت فيه هذه المهنة في حياته كلها فهو الصادق في كل حرف يكتبه، وكيف لا يصدق وهو معلم الأجيال الذي حمل على عاتقه أمانة العلم قبل أمانة الكلمة و حمل في قلبه حب الخير للناس، فحري به أن ينير الطريق للناس بكتاباته ويقول الحق مهما كانت الظروف، لذا تميز جعفر عباس صحفياً وحق له أن يكون مسؤولاً عن جودة العمل الإعلامي من خلال موقعه المتميز الذي يتبوأه وهو إدارة الجودة بقناة الجزيرة.
لقد ظهرت الحكمة النوبية في فكر جعفر عباس، فكتب ساخراً ولكنه لم يجرح يوماً أحداً أو يحط من قدر أحد، و تفرد بالحكمة وحسن الخلق كأسلافه من النوبيين الأوائل في بلاد المهجر الذين اختطوا للسودانيين دروب الأمانة وصدق الكلمة.
فشكراً لأبي الجعافر لهذه المساحات الشاسعة التي زرعها بحب الناس ليكون مثالاً يحتذى به في العمل الصحفي، نسأل الله أن يجعلها خالصةً في ميزان حسناته.

الاثنين، 12 مارس 2012

مساحات الفرح



مساحات الفرح كثيرة لدى الإنسان ، فهي أكبر المساحات المتاحة لديه، وأقل كلفة، ولا أقول إن مساحة الفرح هي فرصة للإنسان، ولكنها دوماً موجودة في داخله وستظل في داخله.
الابتسامة أصغر مساحات الفرح الموجودة فينا وأقلها كلفة، فقط أن تكون مبتسماً في وجه الآخر، ولكن العائد منها أكبر بكثير عما بذلته من جهد، فهي تحرك اثنتين وثلاثين عضلة في وجه الآخر، وترفع من نبضات قلبه، وتثلج صدره، وينداح الفرح منه للاخرين، بحساب بسيط، فإن الإنسان العادي يستطيع أن يتفاعل مع عشرة أشخاص على الأقل يومياً، بالتالي تستطيع ابتسامتك، أن تحرك العشرة الآخرين حول هذا الإنسان، فكم من عضلة تحركت من ابتسامة!
مساحات الفرح مساحات رائعة يمكن أن تلونها بألوان قوس قزح، فقط أمسك الفرشاة ولون، وأخرج كل الفرح بداخلك، عندها ستكون في مواجهة مع ذاتك، مع الحقيقة الداخلية لروحك، ستكتشف أن لك روحاً كالعصفور ، ينتقل من فنن إلى فنن، وأن لك أشياء جميلة بداخلك خرجت لتغرد للعالم.
كما لونت مساحات الفرح، كذلك تستطيع أن تجعل المساحات ناطقة بكلمات رائعة، وللكلمات سحرها، وشخصيتها المميزة، فكلما اخترنا الكلمات الرشيقة الجميلة كانت المساحات رائعة، وأيضا للكلمات عطرها فاختر من الكلمات ذات العطر الفواح لتنثر الفرح حولك وحول الآخرين، ولتكون لمساحات الفرح ألوانها وكلماتها المعطرة.
كثيرون استطاعوا أن يلونوا مساحاتهم بألوان زاهية وكلمات معطرة فواحة فملكوا قلوب الآخرين ومن حولهم، إنهم المتفردون منا بحب الناس.
الإنسان هذا المخلوق العجيب، .. جسد .. وروح .. وعقل.!
والروح مستودع الفرح، فيه كل الأشياء الجميلة في الإنسان، قد تكون روحك ظلامية وقد تكون نورانية!! فماذا تريد أن تكون... أن يغلب الظلمة أم تكون نوراً مشعاً. تلك هي خلاصة الحياة!!!
إن للروح أفراحا، وتفرح الروح من أشياء بسيطة وهينة، فلقد قال شاعرنا إدريس جماع: هين يستخفه بسمة طفل.
فالروح بسيطة وهينة حيال الفرح، كما لها من القوة ما يجعل شاعرنا يقول: قوياً يصارع الاجيال، نعم، فالروح تتحمل الأهوال في مبتغى الآمال والطموح.
واحدة من نفحات الله سبحانه وتعالى للروح، الأمل.
فهى الزاد الحقيقي للروح، وعليه يحيى الروح في مساحات الفرح، وبها يعطر المساحات الشاسعة.
مساحة الفرح التي يكتشفها الإنسان في دواخله، دائماً ما تكون في ساعات الصفاء مع النفس، فيكتشف الإنسان بأنه يملك مساحات كبيرة من الفرح حوله ولكنه مقصر في حقها، لم يعطها حقها من الاهتمام.
تكتشف أنك تملك زوجة رائعة، وتكتشف أنك تملك صديقاً لن تجد مثله في هذا الزمن المتسارع، وتكتشف أن لك أبناء رائعين، كل هذه الأشياء كانت موجودة ولكنك فقط لم تنتبه إليها.
فقط تحتاج للانتباه لكل تفاصيل الأشياء حولك، لتكتشف أنك وسط مساحة رائعة من الجمال.
الفرح القادم من الآخرين له طعم خاص، ويكون طعم الفرح من الأقربين أحلي، وذا نكهة رائعة، كلمة من زوجة تملك الأفراح في دواخلها، من ابن يفرح يفرح قلبك بره ، في أخ يحمل بين جنبيه فرح يسع الجميع، في جار تراه فرحاً.
لم أسمع بأن الفرح يباع ويشترى، ولكنني أؤكد بأن قيمة الفرح لاتقدر بثمن.
 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | cheap international voip calls | تعريب وتطوير : مدونة سامكو